الطــــريق إلــي نصـــــر أكــــتوبــر الإعداد لمعركة النصر



موقع الرئيس مبارك بطل الحرب والسلام 
الطــــريق إلــي نصـــــر أكــــتوبــر الإعداد لمعركة النصر
ترسم هذه المقالات بدقة الرؤية التي حققت نصر مصر العظيم في أكتوبر 1973 ودحر الاحتلال الإسرائيلي البغيض وإجباره علي تجرع مرارة الهزيمة والانكسار التي حاول أن يسقيها لمصر عام 67.
كتب مبارك المقالات التي ننشرها خلال الفترة الممتدة من عام 1969 وحتي منتصف السبعينيات وقد نشرتها مجلة القوات الجوية وهي مجلة عسكرية ثقافية كانت تصدر كل ثلاثة شهور.
تكشف المقالات ووثائق مجلة القوات الجوية، التي ينشرها "الأهرام المسائي" للمرة الأولي في تاريخ الصحافة المصرية والعربية والعالمية ما يلي:
- أن العميد طيار أركان حرب محمد حسني مبارك تولي رئاسة مجلس إدارة مجلة القوات الجوية، طبقا لوثيقة العدد 68 ـ الصادر في سبتمبر 1969.
- أن اللواء طيار أركان حرب محمد حسني مبارك واصل رئاسته لمجلس إدارة مجلة القوات الجوية طبقا للعدد 69 الصادر في ديسمبر عام 1969 .
- واظب الطيار حسني مبارك علي كتابة مقالاته في المجلة علي الرغم من صعوده في مراكز القيادة وتغيير مجلس إدارة المجلة وذلك طبقا للعدد 90 الصادر في مايو 1976.
وقد قمنا في "الأهرام المسائي" بتقسيم هذه المقالات 
إلي 5 محاور رئيسية هي:
ـ خطاب النصر والعبور للمستقبل، ويشمل 4 مقالات هي: ذكريات النصر.. ومن نصر إلي نصر .. وسجل في الخلود.. ومبادئ لاتموت
"تم نشرهاأمس الأول ".
ـ "الرؤية الاستراتيجية الشاملة" التي قادت عملية التحول من الهزيمة عام 67 إلي النصر عام 73 وتتضمن 3 مقالات هي: 
العالم في مفترق طرق .. ووقفة تأمل مع النفس.. والمنطلق والطريق. "تم نشرها أمس".
وننشر اليوم 
ـ منهج الاعداد وإعادة بناء القدرات المصرية تمهيدا لدخول معركة النصر، وتتكون من 4 مقالات هي: 
لابديل عن المعركة.. والمواجهة الشاملة.. والمعركة بين الإعداد والاستعداد ..والمفاجأة وأثرها علي المعركة.
ونواصل في الأيام التالية نشر مايلي:
ـ عمليات إعداد القوات الجوية للقتال، وتضم 3 مقالات هي: 
اعداد الطيارين للقتال .. والدستور الاخلاقي للطيار ..ورجل وسلاح وأعصاب.
ـ مواصفات القيادة الناجحة التي تحقق الانتصار وهي مقالة بعنوان: "القيادة الناجحة".
 
_______________________________________________________________
الطريق إلى نصر أكتوبر 
بقلم: محمد حسني مبارك عام 1976 
الجزء الأول 
____________________________________
عندما يحل شهر اكتوبر من كل عام.. ستحل معه اجمل الذكريات, وبعيدا عن لهيب 

العواطف وحماس الكلام دعونا نحلل الأمور, لنخرج من هذه الذكريات بأبلغ دروس الحياة.

ولنضع قواتنا الجوية علي أسلم طريق. إن ذلك هو العزة. وهو التذكرة والذكري تنفع
المؤمنين.

لقد كثر حديثنا عن النصر, وبسطنا الحقائق امام جماهير الشعب عن المعركة وما سبقها,

ولكن مازالت بطون الأوراق تخفي من أسرار المعركة مايشكل دروسا بليغة في مقاييس التاريخ.

ومن هذه الدروس لابد ان نسطر سجلات لتأريخ هذه الحرب, ذلك أن الأجيال القادمة بعدنا

ستبهر امام وقفة التاريخ إزاء أول جولة كال فيها العرب الهزيمة لعدوهم المتغطرس, وستعوزهم المراجع والسجلات لوقفات الرجال وبطولات الأبطال وما صنعه شعبنا العظيم خلال هذه الحرب.
لقد انطلقنا في أعقاب النصر نخطط للتطوير والانفتاح علي اقتصاد جديد, ومفاهيم جديدة للاستراتيجية والتكتيك, ولعل أعوز مانحن في حاجة إليه ان نطور نظرتنا وإيماننا بالعلم وبالقيم الخلقية.
وقواتنا الجوية في وقفة النصر لابد ان يرنو رجالها بأبصارهم الي عصر الفضاء الذي نعيشه, لنعبر من عصر الصواريخ والطائرات الاسرع من الصوت الي عصر الفضاء حتي لانكون في وقفة المتفرج إزاء أحداث تهز العالم وتحول في التكنولوجيا... والقوات الجوية ألصق افرع القوات المسلحة بهذا التحول.
لذلك فإن أمامنا كثيرا من العمل وبدون علم فسيأتي العمل روتينيا وباهتا ضعيف التأثير.. لذلك امامكم كثير من التحصيل قبل وبعد التطوير.
ومع ذكريات النصر, لابد ألا تلهينا فرحتنا به عن صناع النصر الذين مضوا في سبيل الواجب.. بعضهم ذهب للقاء ربه شامخا بأداء رسالته, ومنهم من أصيب أو جرح.. ان هؤلاء نسجوا ملحمة البطولة, ولابد ان نشيد بأعمالهم لنورثها أجيالا صاعدة, ليتعلموا منها معاني التضحية والفداء.
ومع الحقيقة التي يجب الا تغرب عن البال, فلابد ان نقف امام الواقع.. بان ماكان ليس الا مرحلة في طريق شاق وطويل.. وماهو آت ربما يكون أشق مما مضي, ومانصرنا إلا وثبة, وعلينا ان نظل دائما علي استعداد لوثبات تالية.

من نصـر إلي نصـر
ونحن نتكلم عن النصر يجب الا تنسينا افراحنا مع صخب الاحداث حقائق يلزم الا تغيب عن البال.
أولها: ان الله كان معنا في كل ماصنعناه لاننا ذكرناه.. فذكرنا, والله ألهمنا التوفيق.. لاننا اتقنا التدريب قبل المعركة وبذلنا الجهد.. وضحينا بالوقت.. فحق تحقيق وعده تعالي:
وكان حقا علينا نصر المؤمنين.. ومن هذا المنطلق يجب ان يستمر استعدادنا.. وتستمر يقظتنا.. فلا نرتكن الي ان عون الله يأتي الي الكسالي والمتواكلين بدون عمل.
وثانيها: يجب ان ندرك ان المعركة لم تنته بعد.. وكل ماتحقق ليس الا مرحلة من مراحلها. ولاشك ان الامة العربية امام عمل طويل.. وجهد مرير. وان صراعا دام اعواما لايمكن ان يحل في شهور.. وان صراعا اخذ طابع المواجهة اربع مرات لايمكن ان نوسده الثري في قفزة واحدة.
وثالثها: أن أمتنا قد عبرت الهزيمة.. وتركت وراءها ظلمات النكسة وآلامها, وطرحت روح اليأس بفضل ماحققته قواتها المسلحة, وهي تتطلع الان الي مرحلة التعمير واعادة البناء والانفتاح الاقتصادي لتساير ركب الحضارة وتطوي شقة التخلف التي فرضتها ظروف المعركة.
ولست اري القوات المسلحة في معزل عن جماهير هذه الامة وهي تنطلق لتحقيق هذا الواجب, ولاشك ان لها وللقوات الجوية خاصة دورها الذي ستشارك به في هذه المرحلة.
ورابعها: ان القرار الاستراتيجي بتنويع مصدر السلاح سيضعنا امام مسئوليات جديدة. ستجعل امامنا دورا جديدا في مواصلة التدريب وابتكار كل الوسائل لنجدد انفسنا, وننطلق الي مستوي أفضل لكي تصبح القوات المسلحة في مرحلة تطوير وهي تحمي امة تتطور.. في عالم تتطور فيه الاحداث كل يوم.
وخامسها: أن إيماننا بالعلم أسلوبا ونبراسا يجب ان يستمر, فلم تعد الحرب الا مباراة في استخدام احدث اساليب العلم, ولم يعد الجندي ولا الضابط الا صاحب خبرة او حنكة في استخدام معدة او جهاز يتحكم فيه بالعلم.
ومن هذا ينبع الاحساس بعمل شعار العلم والإيمان ووضعه موضع التطبيق في كل المجالات, ولست أتجاوز الحقيقة ان قلت ان النصر في المعركة لم يتحقق الا بالعلم, وإن اي نصر في عصرنا محال ان يتحقق بدون العلم تسانده الشجاعة والمثابرة.
وسادسها: أن دور القوات الجوية في ملحمة النصر كان دورا بارزا اكدته الامة بكل فخار علي كل لسان سواء في مجلس الشعب او علي صفحات الصحف, كما تغني به المغنون, وتألفت عنه الكتب, وذلك بفضل شهدائنا الذين حملوا ـ وحملت معهم ـ الواجب بكل أمانة وصدق.
لذلك فلنستخلص من المعركة دروسا مستفادة نورثها لمن بعدنا.. من ضباط الجيل الصاعد.. لتكون لهم عبرة وذكري الي جانب كونها صفحات وضاءة لهم ان يفخروا بها علي مر الزمن.