العقيد طيار حسنى مبارك عند استقبال اللواء طيار مصطفى الحناوى قائد القوات الجويه


 
ميلاد قائد ووفاء شعب

41055‏السنة 123-العدد1999مايو3‏17 من شهر محرم 1420 هـالأثنين

قائد الطيران يتذكر
الطيار حسني مبارك


المصدر
العقيد طيار حسنى مبارك
عند استقبال قائده اللواء طيار
مصطفى الحناوى قائد القوات الجويه
نعرف حسني مبارك‏,‏ الرئيس والقائد‏,‏ ونعرف من المسئولين الذين يعملون بجانبه كيف يتخذ قراراته؟ وماهي أولوياته؟ كما نعرف منه ومنهم الكثير من سجاياه وأسلوبه‏,‏ لكن كيف كان الرئيس في عين قائده؟ هذا مالانعرف الكثير عنه‏.‏
اللواء مصطفي الحناوي دفعة‏46‏ الكلية الحربية و‏48‏ كلية الطيران‏,‏ وقائد القوات الجوية ـ قبل أن يتولاها الرئيس مبارك بفترة قصيرة من الجيل الأول للطيارين المقاتلين‏,‏ وشهد معظم حروب مصر‏,‏ يذكر كيف لم يكن هناك قبل سنة‏1948‏ أي تدريب أو تعليم لقواتنا الجوية‏.‏
يتذكر اللواء الحناوي كيف تلقي الطيار حسني مبارك التدريب علي القتال في مطار حلوان نهاية عام‏1951‏ علي يديه‏.‏ ويقول‏:‏عرفت الرئيس مبارك خلال فترة تدريبي له‏,‏ وبعد إنتهاء الدورة ذهب مبارك للعمل في كلية الطيران برتبة ملازم ثان‏,‏ كان قد ترك انطباعا إيجابيا للغاية‏,‏ فأعجبت بسلوكه الانضباطي‏,‏ إذا طلبت منه الحضور الساعة الثامنة يأتي في الثامنة إلا خمس دقائق‏.‏ كما أكتشفت أنه سريع البديهة‏,‏ ومنفذ للأوامر بدقة شديدة‏,‏ فيصبح مريحا لقائده وجاهزا دائما ولايسبب أي إزعاج للفريق الذي يعمل معه‏.‏

قيادات جديدةويضرب مثلا علي أن مبارك قوي الاحتمال‏,‏ ومستعد دائما لتنفيذ ما يطلب منه بدقة فيقول‏:‏ عندما كنت قائدا للقوات الجوية طلب مني القائد العام‏,‏ وكان وقتها الفريق محمد صادق التحرك فورا لإحباط محاولة إنزال إسرائيلية في مرسي مطروح‏,‏ وبحثت عن حسني مبارك فوجدته في مهمة بفرع كلية الطيران بالمنيا‏,‏ وأبلغته بما سيحدث‏,‏ وعلي الفور تحرك ليلا‏,‏ وذهب إلي مطروح‏,‏ ونشر الطائرات والكمائن اللازمة‏,‏ وفوجئت به يتصل بي عند الفجر ويعطيني تماما بنجاح المهمة‏.‏
ويضيف اللواء الحناوي‏:‏ إن الرئيس مبارك يتحلي بفضيلتي التواضع‏,‏ والتفاني في أداء الواجب‏,‏ وقد ظل يتدرج في الرتب بكلية الطيران حتي وصل إلي رتبة المقدم‏,‏ وأذكر أن فسحته كانت يوم الخميس عبارة عن الذهاب إلي سينما روكسي ثم يعود مباشرة إلي مقر عمله‏.‏

ولكن كيف تولي الرئيس منصب مدير كلية الطيران؟يقول اللواء الحناوي‏:‏ عندما أختاروني لقيادة القوات الجوية في نوفمبر‏67,‏ أخبرني الفريق محمد فوزي وزير الحربية أنذاك بأن كل قيادات الطيران اقتربت من سن المعاش‏,‏ وطلب مني ترشيح قيادات جديدة‏,‏ فطلبت منه منحي بعض الوقت لإختيار أفضل الموجودين‏,‏ ثم أبلغت فوزي أن العقيد طيار حسني مبارك هو أفضل من يتولي منصب مدير كلية الطيران لأنه ظل طوال عمره يعمل فيها‏,‏ فضلا عن إيجابيته وتفوقه‏.‏
وفي هذه الفترة بالذات كان المطلوب ضابطا منضبطا وقادرا علي إعداد وبناء‏600‏ طيار في وقت لم يكن لدينا فيه سوي‏123‏ طيارا فقط‏.‏ وأذكر أننا أنشأنا‏3‏ كليات جوية جديدة في بلبيس ومطروح والمنيا‏,‏ويشير اللواء الحناوي إلي أن مبارك حمل هذا العبء بنجاح‏,‏ ويستغرق اللواء الحناوي في صمته لحظات‏,‏ ثم يقول مبتسما‏,‏ كأنه قبض علي ذكري كادت تختفي‏:‏ زارني الرئيس في منزلي مرتين‏,‏ لتوقيع بعض الأوراق‏,‏ وكنت أجد نفسي فخورا به‏,‏ لدرجة لم يكن يتوقعها هو نفسه‏.‏
وفي هذا الوقت كان الخبراء السوفيت قد نصحوا بتقسيم القوات الجوية إلي فرعين‏:‏ دفاع جوي‏,‏ وقوات جوية‏,‏ وتم نقل علي بغدادي رئيسا لأركان الدفاع الجوي ولكنه لم يمكث سوي أسبوع واحد عاد بعده مرة أخري للقوات الجوية ولكن كان قد جاءني خطاب سري يطلب ترشيح أسمين لاختيار أحدهما لمنصب رئيس أركان القوات الجوية بدلا من علي بغدادي‏.‏
يقول اللواء الحناوي‏:‏ كان معني هذا أن الخطوة التالية لهذا المرشح ستكون تولي قيادة القوات الجوية وبالفعل كتبت خطابا رسميا‏,‏ رشحت فيه العقيد طيار محمد حسني مبارك والعقيد طيار محمد شاكر عبدالمنعم‏,‏ وكنت افضل حسني مبارك وهكذا كتبت‏,‏ واغلب الظن ان خطاب الترشيح هذا موجود بالأرشيف‏.‏
الرئيس جمال عبدالناصر يسأل
العقيد طيار حسنى مبارك
ماذا تفعل هنا ياحسنى
الطريف ان عبدالناصر كان قد علم بالترشيح‏,‏ وكان في زيارة لكلية الطيران ببلبيس‏,‏ فسأل مبارك‏:‏ ماذا تفعل هنا ياحسني؟ فرد عليه‏,‏ أنا مدير كلية الطيران ياافندم‏.‏
وسكت عبدالناصر مبتسما لان حسني مبارك لم يكن يعرف انه قد تم ترشيحه رئيسا لأركان القوات الجوية‏,‏ ويواصل الحناوي متذكرا اليوم الذي خرج فيه من القوات الجوية‏,‏ فيقول في هذا اليوم تمت ترقية حسني مبارك إلي رتبة العميد وتولي رئاسة الأركان‏,‏ وكما كان متوقعا خرج علي بغدادي وتولي حسني مبارك قيادة القوات الجوية‏.‏
لكن كتابة مذكرة الترقية في حد ذاتها حدث لم يتركه اللواء الحناوي يمر دون ان يطعمه بالتفاصيل فيقول‏:‏ كان من المفروض ان اجمع لجنة شئون الضباط‏,‏ ولكنني كتبت مشروع قرار الترقية منفردا‏,‏ وعلي مسئوليتي الخاصة‏,‏ لأنني لم أرد جمع اللجنة واخذ رأيها حتي لا يتسرب الأمر إلي بقية قيادات الطيران في ذلك الوقت الحرج‏.‏
ويواصل اللواء الحناوي ذكرياته قائلا‏:‏ بعد خروجي من القوات الجوية ذهبت لزراعة ارضي في ايتاي البارود‏,‏ وتوفي جمال عبدالناصر‏,‏ وتولي السادات وعزل فوزي‏,‏ ثم طلبني الفريق محمد صادق وزير الحربية واخبرني ان السادات طلب عودتي للخدمة مرة اخري علي الاقل لتبرئة ساحتي امام البعض‏,‏ وذهبت بالفعل للأكاديمية العسكرية‏,‏ وفي ذلك الوقت أعددت بحثا عن خطة القوات الجوية المصرية في العمليات الجوية القادمة ضد إسرائيل لمناقشته‏,‏ والحصول علي شهادة الأكاديمية‏.‏
ويتذكر اللواء الحناوي بعد تقديمه استقالته عام‏75‏ ان الرئيس مبارك عندما تم تعيينه نائبا للرئيس ظل يناديه بيا أفندم دليلا علي تواضعه‏,‏ وانضباطه والتزامه تجاه رؤساته السابقين‏.‏
ويقول اللواء الحناوي انه كتب ثلاثة تقارير سرية عن حسني مبارك‏,‏ وكانت الصفة البارزة فيه هي الانضباط وقوة الاحتمال والتنفيذ الدقيق للأوامر والتفاني في العمل‏.‏
ويتوقف الحناوي لحظات ثم يتلو قول الله تعالي إن الله لا يضيع اجر من احسن عملا ويقول إن حسني مبارك نموذج لهذه الاية‏,‏ وقد تنبأت له منذ البداية بالمستقبل الباهر‏,‏ فالرجل طوال عمره كان مجتهدا ومتميزا وسط زملائه بالعمل والعمل فقط وقدرته القوية علي الاحتمال‏,‏ لدرجة انه كان يطير بقاذفته ويعود في رحلات تستغرق‏7‏ ساعات علي الأقل‏,‏ ومع ذلك كان يقوم بأخذ ورديات زملائه الذين يمرون بأزمات‏,‏ ويتواجد في الأعياد بين طلابه كان الرجل باختصار يحسن عملة إلي أبعد مدي‏,‏ ولذلك لم يضيع الله اجره‏.‏
ويقول كنت مدفوعا لترشيح حسني مبارك لسبب لا أدريه سوي انه رجل مجتهد للغاية في اداء واجبه‏,‏ وكانت علاقاته مع زملائه ممتازة وهو صادق في صداقته للأخرين‏.‏