الرئيس حسني مبارك و المشير محمد علي فهمي‏




ميلاد قائد ووفاء شعب

41055‏السنة 123-العدد1999مايو3‏17 من شهر محرم 1420 هـالأثنين

المشير محمد علي فهمي‏..‏ ومبارك الانسان والقائد
الرئيس يعيش حياته من أجل الآخرين ويحمل همومهم علي كتفيه

مبارك الذي عرفته رفيق السلاح لا يعيش حياته فقط لكنه يعيش حياة الآخرين ومشاكلهم وهمومهم‏,‏ وان القائد الناجح ـ كما قال الفيلد مارشال مونتيجمري ـ هو مجموعة خصال متضاربة فهو قاسي وعنيف وطيبا ومتسامحا معتد بنفسه عطوفا ومتواضع‏.‏ ان مبارك الذي عرفته وتعاونت معه هو هذا النوع من القادة وذلك كان مفتاح الطريق للنجاح في حياته العسكرية‏,‏ ثم في قيادته المدنية نائبا لرئيس الدولة ثم رئيسا لها‏,‏ بتلك الكلمات الصادرة من القلب تحدث المشير محمد علي فهمي قائد الدفاع ا
يقول المشير فهمي في معرض حديثه عن شخصية مبارك القائد والانسان أننا قد تعلمنا في حياتنا العسكرية عندما كنا ندرس فن إدارة الرجال في علم الشئون الإدارية ان الفرد الذي يحمل الهموم غير كفء لحمل السلاح‏,‏ هذه المقولة لمستها مجسمة علي أرض الواقع في معاملة اللواء حسني مبارك قائد القوات الجوية لزملائه وأبنائه‏,‏ فقد دخلت عليه مرة مكتبه فوجدته يتصل بأحد الوزراء لمساعدة أحد الطيارين في حل مشكلة له‏,‏ وبعد ان انتهي من المحادثة التليفونية قال لي لازم الانسان يساعدهم في حل مشاكلهم لان الطيارين في حاجة دائما للتركيز في عملهم والتفرغ لمهامهم‏.‏ وبعد ان أصبح مبارك رئيسا مازال ـ هدفه الفرد كما ذلك أيضا أمن جولاته الميدانية ومتابعتي لإدارته للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي‏,‏ حيث كان يبذل جهدا خارقا في التركيز علي رفع المعاناة عن كاهل الجماهير العريضة من الشعب‏,‏ حيث كان يرفض تنفيذ توصيات الصندوق لحل المشاكل الاقتصادية للبلاد دفعة واحدة حتي لا يحمل الشعب أعباء ثقيلة‏,‏ وحرص علي ان تكون الحلول متدرجة‏.‏

القائد‏..‏ وسرعة اتخاذ القراريقول المشير فهمي ان طبيعة العمل في القوات الجوية والدفاع الجوي تختلف عن باقي افرع القوات المسلحة حيث الزمن المقرر للتصدي للهدف المعادي بالنسبة لكليهما يحسب بالدقائق والثواني‏,‏ الأمر الذي يستوجب علي القائد اتخاذ القرار السريع لتدمير مثل هذا الهدف‏,‏ بعكس الأفرع الاخري في القوات المسلحة حيث توجد مساحة زمنية أكبر لاتخاذ القرار‏,‏ وبالتالي فأن القائد في القوات الجوية والدفاع لابد أن يتسم بالحسم وسرعة رد الفعل واتخاذ القرار السليم‏.‏
ويركز علي ان مبارك يتصف بكل هذه الصفات‏,‏ والتي برزت أيضا بوضوح عندما أصبح نائبا لرئيس الجمهورية ثم عندما أصبح رئيسا لمصر‏.‏

موقف‏..‏ لن أنساهان مبارك رفيق السلاح له مواقف إنسانية كثيرة معي لن أنساها طول عمري ومن بينها واقعة حدثت في يونيو عام‏1973,‏ وكان الرئيس أنور السادات وقتها سوف يسافر الي ليبيا وسوريا حيث طلب من المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية انذاك ان يصحبه في هذه الرحلة اللواء طيار حسني مبارك وأنا‏.‏
ويقول المشير محمد علي فهمي لقد سألت وزير الحربية عندما ابلغني‏:‏ عن نوع هذه المهمة؟ فأخبرني‏:‏ إن الرئيس السادات لم يقل لي أكثر من ذلك‏,‏ وفي الطائرة قال لنا الرئيس السادات‏:‏ يا أولادي لقد اتخذت قرار الحرب والمعركة أصبحت حتمية وأقرب مما يتصور الجميع‏,‏ وانه خلال الشهور الثلاثة القادمة ان شاء الله سنخوض الحرب‏,‏ وقال ونظراته مسلطة علينا‏:‏ أن القوات الجوية والدفاع الجوي أعول عليهما اهمية كبيرة لانهما سيوفران الحماية لأولادي في معركة التحرير‏,‏ ويسترسل المشير علي فهمي ان الرئيس السادات صمت لحظة ثم سألني عن زوجتي وحالتها الصحية‏:‏ فقلت له الحمدلله ياريس‏,‏ وهنا تدخل حسني مبارك قائلا لا ياريس‏..‏ اللواء فهمي بيكذب عليك فزوجته مريضة وهو محرج يتكلم وفي الحال أشار السادات للدكتور أشرف مروان قائلا له زوجة اللواء محمد علي فهمي تسافر فورا للعلاج‏,‏ وذلك يوضح مدي الترابط الاسري داخل القوات المسلحة ومدي انسانية مبارك‏.‏

ذراع مصر الطويلةويتحدث المشير محمد علي فهمي عن شجاعة مبارك وذكائه ودأبه علي العمل فيقول‏:‏ بعد أن تولي المشير احمد اسماعيل وزارة الحربية في اكتوبر من عام‏1972‏ كنا قد انتهينا وقتها من اقامة حائط الصواريخ وتمكنا من السيطرة علي تحركات الاسرائيليين شرق القناة غير انه من وقت لاخر كان الطياران الاسرائيلي يقوم بعمل اختراقات لمجالنا الجوي في المناطق غير المؤمنة بوسائل الدفاع الجوي‏,‏ وفي اواخر عام‏1972‏ قامت الطائرات الاسرائيلية باختراق المجال الجوي في اتجاه العين السخنة‏,‏ وبعد ان درس مبارك قائد القوات الجوية انذاك مايقوم به الاسرائيليون قرر القيام باختراق مضاد ليثبت لاسرائيل ان هذه اللعبة ليست من جانب واحد‏,‏ واننا يمكن ان نلعبها معهم‏.‏
وكان قرار مبارك انه سيخرج بطائراته لعمل اختراق في بير عريضة بالاراضي المحتلة بسيناء وقلت له سوف اتحرك معك‏,‏ واكون بالطائرة لتأمين خروج وعودة هذه الطلعة‏,‏ وفعلا خرجت الطلعة الجوية واخترقت الاراضي المحتلة وتوغلت فيها لمسافة كبيرة وعادت دون أن يتمكن الطيران الاسرائيلي من التخدل أو اعتراض طائراتنا حتي ان طائراتهم لم تظهر في الجو الا بعد اقتراب طائراتنا من قواعدها‏,‏ وكان الوزير احمد اسماعيل قلقا علينا ويسأل عنا كل دقيقة ليعرف الموقف وليطمئن‏,‏ ثم فوجيء بنا امامه وقص اللواء طيار مبارك عليه ماحدث فتهلل وجه المشير اسماعيل فرحا وقال برافو وان شاء الله يكون هذا درس لاسرائيل حتي لا تكرر مثل هذه العمليات‏.‏

بلا حواجزويسلط المشير فهمي المزيد من الضوء عن علاقة مبارك بالقادة والجنود حيث يشير الي ان الكثير من القادة يعقدون المؤتمرات مع الضباط في مكاتبهم أو قاعة مخصصة لهذا الغرض‏,‏ وذلك في حد ذاته أمرا جيدا‏,‏ غير ان مبارك ان سلوكه مختلفا لانه يفضل ان يذهب هو بنفسه الي مواقعهم ويجلس بينهم يتحدث ويستمع اليهم‏.‏
ويركز المشير فهمي علي ان الرئيس مبارك كان يحرص دائما علي المرور في توقيتات مختلفة علي القواعد الجوية‏,‏ وان الفترة الكبيرة التي قضاها بالكلية الجوية معلما واستاذا وقائدا لها قد أفادته كثيرا حيث كان يعرف الغالبية العظمي من الطيارين بالاسم وظروف كل واحد منهم‏,‏ وأنه عندما كان يزورهم في القواعد الجوية يجلس معهم ويتناول طعامهم وشرابهم‏,‏ ويشاركهم متاعبهم واحوالهم‏,‏ ويأخذ قراراته علي الطبيعة‏,‏ وكان يمارس الرياضة في ملاعب الكلية مع الطيارين ويمضي معهم اليوم بالكامل مما جعل هناك الفة بينه وبينهم علاوة علي التلاحم الاسري الموجود‏,‏ وكان كل ذلك يتم بدون اخلال بالضبط والربط الذي تتطلبه العلاقة بين القادة والمرؤوسين‏.‏

هموم الآخرينان مواقف مبارك في مشاركة الآخرين همومهم ومشاكلهم لا تعد ولا تحصي‏.‏
يقول المشير فهمي‏..‏ إن مبارك انسان مخلص ووفي وشهم الي أبعد الحدود‏,‏ وأنه لن ينسي له أبدا مواقفه الكريمة معه‏.‏
ويشير الي انه بعد وفاة المشير أحمد إسماعيل سافر المشير الجمسي لمأمورية سريعة للاتحاد السوفييتي وبالتالي تولي هو‏[‏ المشير فهمي‏]‏ أعمال الوزير مدة سفر الجمسي وذلك بصفته أقدم ضابط حيث أتصل بي الرئيس السادات قائلا‏:‏ ياريت تقعد مع مبارك وترشحوا لي رئيس اركان للجيش لأني تأخرت في تعيينه بسبب حزني علي وفاة المشير أحمد اسماعيل‏.‏
واخبرت مبارك بما دار من حديث مع الرئيس السادات‏..‏ ولأني تم تخطيتي مرتين‏.‏ ورد علي مبارك قائلا سوف اقابل الرئيس السادات وأخبره لأني أعلم انك انسب المرشحين بالفعل لتولي هذا المنصب‏,‏ وبالفعل أوفي مبارك كعادته دائما بوعده‏,‏ وتحدث الي الرئيس حيث صدر قرار تعييني رئيسا للاركان‏.‏
ويسجل المشير فهمي واقعة أخري حيث يقول لقد زارني مبارك ولاحظ ان حالتي المعنوية ليست طبيعية‏,‏ وسألني عن السبب فقلت له ان مدة خدمتي علي وشك الانتهاء‏,‏ وان المشير أحمد اسماعيل طلب رأيي لترشيحي كوزير مدني لكنني رفضت ذلك لاني رجل عسكري وحياتي كلها في هذا المجال غير انه طلب مني التفكير في الموضوع‏.‏
وأضاف المشير محمد علي فهمي ان مبارك عندما سمع منه القصة قال له انه سوف يتقابل مع الرئيس السادات ويثير معه هذا الموضوع وبالفعل شرح للرئيس السادات الموقف‏.‏
ويختتم المشير فهمي حديثه قائلا إنه يحمل الكثير من الحقائق والوقائع عن حسني مبارك القائد الانسان الذكي اللماح الشجاع الذي يحمل هموم البشر جميعهم‏..‏ والذي عرفته عن قرب وكان لي دائما نعم القائد‏..‏ ونعم الرئيس‏,‏ ولكن سردها يحتاج الي مجلدات‏.‏