الرئيس حسني مبارك يؤدي اليمين الدستور امام الدكتور صوفي ابو طالب


عشرون عاما مع مبارك

41959‏السنة 126-العدد2001اكتوبر23‏6 من شعبان 1422 هــالثلاثاء

مصر صباح‏14‏ أكتوبر‏81‏
مبارك يؤدي اليمين الدستورية وسط ظروف صعبة محليا وعربيا
أول خطاب لمبارك عقد غير مكتوب مع الشعب للتنمية والاستقرار

كتب : سيد علي
لدخول للمصدر
الرئيس حسنى مبارك يؤدى اليمين الدستورية امام الدكتور صوفى ابوطالب رئيس مجلس الشعب والذى تولى المسئولية مؤقتا بنص الدستور عقب اغتيال الرئيس السادات
استيقظ المصريون صباح يوم الاربعاء‏14‏ أكتوبر عام‏81‏ الموافق‏16‏ من ذي الحجة عام‏1401‏ هجرية‏,‏ وسط احساس بالقلق والتوتر من الاحداث التي صاحبت اغتيال الرئيس السادات قبلها باسبوع‏,‏ كان اليوم إجازة بالمدارس‏,‏ والطقس مائل للحرارة علي جميع انحاء مصر‏..‏ وبدأ البث التليفزيوني في الحادية عشرة صباحا بتلاوة آيات من القرآن الكريم وتنوعت البرامج بين الاناشيد الوطنية والافلام التسجيلية وكلمات من اقوال الزعيم الراحل‏..‏
نتيجة الحداد الرسمي الذي استمر‏40‏ يوما‏,‏ وفي تمام الساعة الثانية عشرة نقل التليفزيون العربي هكذا كان اسمه وقائع جلسة اعلان نتيجة الاستفتاء علي رئاسة الجمهورية واداء الرئيس الجديد محمد حسني مبارك اليمين الدستورية امام مجلس الشعب واستمرت الجلسة حوالي‏90‏ دقيقة‏,‏ واستمر الارسال التليفزيوني بالقناتين الاولي والثانية حتي الساعة‏11.30‏ مساء‏.‏

في صباح هذا اليوم توجه الدكتور صوفي ابو طالب رئيس مجلس الشعب إلي منزل الرئيس حسني مبارك‏,‏ واطلعه علي النتائج النهائية للاستفتاء وقدم له التهنئة علي ثقة الشعب‏,‏ وتوجه الرئيس مبارك بصحبة الدكتور صوفي ابو طالب لمجلس الشعب‏,‏ وفي الساعة الثانية عشرة دخل الدكتور صوفي إلي قاعة المجلس التي امتلأت باعضاء مجلسي الشعب والشوري والوزراء وكبار المسئولين‏,‏ وقرأ الدكتور صوفي رسالة السيد نبوي اسماعيل نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية التي تضمنت نتيجة الاستفتاء‏,‏ وعلي أثر ذلك دخل الرئيس حسني مبارك الي قاعة المجلس وبرفقته الرئيس السوداني جعفر نميري والدكتور صبحي عبدالحكيم رئيس مجلس الشوري‏,‏ حيث ادي الرئيس حسني مبارك رئيس الجمهورية الجديد اليمين الدستورية امام مجلس الشعب في الساعة الثانية عشرة والثلث‏..‏ ويومها قالت وكالة الانباء الفرنسية إن مبارك رجل عمل لا رجل كلام‏,‏ بينما قال الرئيس السوداني جعفر نميري لجريدة الجمهورية ان الاذاعات العربية لاتستحق الرد في اشارة بعض النداءات فقد كانت علاقات مصر مقطوعة مع كل الدول العربية باستثناء السودان وسلطنة عمان والصومال وفي خطابه امام مجلسي الشعب والشوري هزت كلماته الجميع بنبرات الايمان والصراحة والصدق التي بدت في صوته‏,‏ لم يكن حديثه خطابا رسميا في مناسبة رسمية بل كان تعاقدا وعهدا مكتوبا بين رئيس الدولة والشعب كله‏,‏ وبرنامج عمل للسنوات المقبلة‏,‏ وذلك بعد أن حصل علي‏98.46%‏ من أصوات شعب مصر في الاستفتاء‏,‏ وقال في هذا الخطاب‏..‏ تعالوا نوحد كلمتنا ونضم صفوفنا ولنبني مصر بالحب والامل والعمل لأن المسئولية مسئوليتنا جميعا لا فرق بين كبير وصغير أو مسلم ومسيحي أو مؤيد ومعارض‏.‏

وحدد مبارك برنامجه في المجال الاقتصادي بأن سياسة الانفتاح مستمرة وستدعم ليكون الانفتاح انتاجيا وفتح المجال امام مزيد من الاستثمار واجتذاب رأس المال‏,‏ واكد ان مصر ماضية في طريق السلام وبكل اتفاق وقعته‏,‏ ولن تدخر جهدا لاستمرار مفاوضات الحكم الذاتي لتمهيد الطريق ليقرر شعب فلسطين مصيره‏,‏ ومن الملاحظ ان مبارك قال هذا من أول يوم له بينما كان الاشقاء العرب يقاطعون مصر‏.‏
ومن اللافت للنظر ان خطاب مبارك حدد فيه اطار المستقبل والاستقرار قائلا لاعصمة لأحد من سيف القانون القاطع الذي لايفرق بين قوي وضعيف وغني وفقير‏,‏ وفي هذا الخطاب قال قولته المشهورة مصر ليست مدينة لأحد ولكننا جميعا مدينون لها‏..‏ سنبني ولن نفرق وسنحمي ولن نهدد وسنصون ولن نبدد‏.‏

دموع مبارك
وعندما تحدث عن الرئيس الراحل قائلا كان قائدي وزعيمي وابي واخي انور السادات ولم يدر بخلدي لحظة واحدة ما شاءت به ارادة الله من أن أصير إلي هذا الموقف‏,‏ بل انه عندما صارحني منذ اشهر قليلة بأنه قرر أن يعتزل في العام المقبل بعد أن يطمئن إلي سلامة الاساس الذي ارساه لمسيرة مصر نحو الديمقراطية والرخاء والسلام‏,‏ أجبته بكل الصدق بأن اعتزاله هو امر مستحيل وسوف يرفض الشعب لاول مرة قرارا يصدره‏,‏ وسوف ارفض لاول مرة قرارا يصدره لي بالترشيح لمنصب رئيس الجمهورية‏,‏ ولكن هكذا جاء قدري أن أقف امامكم في هذا المؤتمر في غيبته‏,‏ وهنا غالب الرئيس مبارك دموعه وصفق النواب‏..‏ ثم قال لقد صدر لي الامر من الشعب واعلن انني بعون الله وبعونكم اواجه قدري في هذه المسئولية الضخمة الهائلة بمباديء واخلاقيات القائد والمعلم والزعيم محمد انور السادات‏.‏
في هذا اليوم خرجت الصحف المصرية وهي تحكي كيفية إقبال الناس في كل مصر علي الاستفتاء‏,‏ وكانت المانشيتات الرئيسية تقول‏...‏ مصر قالت‏:‏ مبارك رئيسا والشعب كله وراء قيادته‏,‏ وعندما أدلت السيدة جيهان السادات بصوتها في الاستفتاء قالت ان مصر فوق الآلام والاحزان‏,‏ وادلي الرئيس جعفر نميري بصوته في الاستفتاء في لجنة مدرسة سراي القبة للبنات التي خصصت للوافدين بوصفه مواطنا سودانيا مصريا‏,‏ وكان مراسلو الصحف ووسائل الاعلام الاجنبية قد فوجئوا بالاقبال الشديد من الناس في اسيوط علي الاستفتاء لمصلحة مبارك‏,‏ وكانت اسيوط قد شهدت احداثا دامية عقب اغتيال الرئيس السادات‏.‏
وفي هذا اليوم اعلن الدكتور فؤاد محيي الدين النائب الاول لرئيس الوزراء ان شعار مصر في المرحلة المقبلة هو الاستمرار والاستقرار وتزامن رئاسة مبارك لمصر مع تولي حجة الاسلام علي خاميني الرئاسة في ايران كثالث رئيس خلفا للرئيس السابق محمد علي رجائي الذي لقي مصرعه في حادث نسف مقر الحزب الجمهوري الاسلامي في طهران‏.‏

جيل أكتوبر
ووصفت الصحف هذا اليوم بأنه يوم المسئولية ويوم تولي جيل اكتوبر القيادة وتابعت مراحل الاستفتاء الذي استمر ما بين الثامنة صباحا والخامسة عصرا في جميع المحافظات في اليوم السابق والاقبال القياسي لجميع فئات الشعب مما يؤكد ثقة الجماهير في استكمال المسيرة الوطنية بقيادة مبارك وأيدته جميع احزاب المعارضة العمل والاحرار‏.‏
واصدرت مجلة آخر ساعة عددا جديدا خاصا للتاريخ يشمل شريطا كاملا بالصور لجريمة الاغتيال واللحظة السوداء الذي راح فيها السادات‏.‏

ؤأبرزت أشهر مقولات السادات تحت عنوان قال لنا السادات
لاحظت ان اكبر خطأ ارتكب في حق الانسان المصري هو زرع الخوف فبدلا من ان نبني الانسان اصبح كل همنا ان نخيفه‏..‏ والخوف هو اخطر ما يهدم كيان الفرد او الشعب
العدل اساس حكم مبارك
ولما كان الدستور لا يتيح للقوات المسلحة ان تشترك في الاستفتاء علي رئاسة الجمهورية فإ رجال القوات المسلحة والقادة والضباط وضباط الصف والجنود عبروا عما يكنونه من مشاعر صادقة صافية لا يضاهيها سوي مشاعرهم نحو قائدهم الاعلي الراحل انور السادات وهي تعتز بأن يكون حسني مبارك هو القائد الجديد خليفة للراحل العظيم‏.‏ والقوات المسلحة تعاهده ان تقف خلفه صفا واحدا‏,‏ كان هذا خطابا من القوات المسلحة لتأييد مبارك بتوقيع الفريق محمد عبدالحليم ابو غزالة ــ وزير الدفاع والانتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة ــ وقتها
كذلك اعلن مجلس الشوري مبايعته لمبارك الذي كان اليد اليمني للسادات منذ نصر اكتوبر واختاره نائبا له وظل بهيئة أكثر من ست سنوات لتولي المسئولية من بعده‏..‏ هو رمز لجيل اكتوبر وشريك الراحل في صناعته للتاريخ المصري بعد الانتصار‏.‏

وفاق الاقبال علي الاستفتاء في مختلف المحافظات كل التوقعات ونفدت البطاقات في لجان حلوان والمعادي قبل الظهر اي بعد‏4‏ ساعات من بدء عمل اللجان وكان عدد البطاقات المخصصة لهذه اللجان‏30‏ الف بطاقة‏!‏
كان المواطن احمد اسماعيل محمد أول الناخبين أمام لجنة مدرسة قيسون الابتدائية بالدرب الأحمر‏..‏ وصل في السادسة صباحا اي ساعة شروق الشمس ليكون أول الواقفين في الطابور‏.‏

في الجمالية كان للتجار كلمة مؤثرة جدا‏..‏ ان بدء العمل هو بسم الله الرحمن الرحيم واستفتاح الخير هو بكلمة نعم وان تكون لمبارك فهذا خير استفتاح كما خرجت مسيرة تأييد بمصر الجديدة احتشد فيها أكثر من‏20‏ الف عامل حاملين صورا للزعيم الراحل والرئيس المنتخب مصرين علي تأييدهم المطلق لمبارك‏.‏
وسط اخبار الاستفتاء واحوال اللجان في مختلف المحافظات وضعت ام مصرية برشيد ثلاثة توائم اطلقت علي الذكرين اسمي حسني ومبارك كان ذلك في نفس الوقت الذي يدلي فيه الاب بصوته في الاستفتاء‏!‏

وجرح محمد التابعي ــ تاجر ــ نفسه بالموسي وكتب بدمه نعم لمبارك وكان ذلك امام لجنة سيف الدين بدمياط واصطحب معه‏3‏ من ابنائه الستة و‏2‏ منهم ضباط بالقوات المسلحة

الوفاء لاستمرار المسيرة
ومن أورع صور الوفاء كانت للشيخ ابراهيم خليل الذي تجاوز الثمانين من عمره اقعدته الشيخوخة عن مواصلة عمله كمزارع وكف بصره وتقرر له معاش السادات اصر علي الانتخاب واصطحبه جاره الي اللجنة هناك أفسح له الجميع الطريق مراعاة لحالته الصحية‏..‏ قال الشيخ ابراهيم ان عليه سداد دين في عنقه وفاءا للشهيد‏.‏
كذلك يقول محمود رمضان مراقب عام مصلحة الموازين سابقا ــ‏80‏ عاما ايضا ــ ان مسئولية الواجب السياسي لا يحكمها السعد فمادمنا نعيش علي أرض مصر علينا واجب نحوها ولا اقول نعم اليوم لنفسي فقط إنما من اجل اولادي وأحفاد الآخرين‏.‏

وفي دائرة قسم شرطة الظاهر‏..‏ دخل عبدالقادر لطفي الذي تجاوز الثمانين من عمره يمشي القرفصاء ويتحرك في الطابور بهذا الشكل مما جعل الجميع يقدمونه‏.‏
وفي لجنة الادارة الهندسية حضر من حسن زكي الخولي‏(35‏ سنة‏)‏ وهو معوق ادلي بصوته من علي كرسيه المتحرك للرجل الذي حطم طيران العدو في اول دقائق المعركة‏.‏ولوحظ اقبال الفلاحات في الريف‏..‏ وكانت من بين الوافدات علي اللجان حليمة عبدالجواد ــ‏90‏ سنة ــ من قرية بلغيا اصرت أن تدلي بصوتها رغم كهولتها كيف اتقاعد عن اختيار خليفة الزعيم الذي منحني معاشا استرد به كرامتي وارحم به شيخوختي

اما محمد سعيد عبدالمجيد‏..‏ فلم تمنعه سنوات عمره الـ‏88‏ من الذهاب الي صندوق الاستفتاء سانده زملاؤه الفراشون بمدرسة الجيزة الثانوية للبنين‏...‏ كان سعيد وهو يضع تذكرة الاستفتاء في الصندوق ويقول انه عاش طويلا وشاهد من أحداث ما يعجز عن روايته‏..‏ لم اشعر بالامن في حياتي الا في عصر السادات‏.‏ ولم احزن في حياتي كما حزنت علي وفاته لذلك اشجع الرئيس الجديد علي اعمال مسيرة السلام وتوفير الطعام والسكن لكل الناس‏.‏
في نفس الوقت الذي انشغل فيه الكبار بالإدلاء باصواتهم خرج الاطفال في جميع المحافظات علي مستوي الجمهورية حاملين صورا للرئيس مبارك وكان هذا تعبيرا صادقا وبريئا لما يمثله بالنسبة لهم‏.‏

تمثل هذا ايضا في الاعلانات والبرقيات التي ارسلت للصحف معبرة عن حالة مصر كلها مابين الفرح والحزن‏..‏ الحزن لفقد الزعيم المؤمن والفرح لأن نائبه الذي وضع فيه كل ثقته ورافقه مشوارا طويلا وصعبا هو الذي سيتولي مسئوليه البلاد وكانت ترجمة هذه المشاعر تتمثل في كلمات وعبارات استكمالا للمسيره وحفاظا علي الانجازات التي حققها الزعيم الراحل وحرصا علي سلامة الوحدة الوطنية ولكي تستمر راية السلام خفاقة نعلن المبايعة ونقول نعم لاجل مصر‏.‏
كذلك انتشرت عبارات لم يمت السادات‏..‏ هو حي في شعار دولة العلم والإيمان‏.‏

الإسلامبولي يعترف‏!‏
وبينما كان يتابع المصريون أخبار الاستفتاء علي الرئاسة كان الملازم أول خالد الاسلامبولي المتهم باغتيال الرئيس السادات قد فاق من غيبوبته‏,‏ وادلي بتفاصيل عملية الاغتيال كاملة حسبما اعلن المشير ابو غزالة لوكالة الاسوشيتدبرس‏,‏ وفي نفس اليوم عرف المصريون نبأ القبض علي خمسة من الارهابيين بالهرم بعد معركة بالرصاص استمرت‏45‏ دقيقة ومن بين المقبوض عليهم طارق وعبود الزمر‏,‏ وفي مكان آخر تم القاء القبض علي مهندس التنظيم محمد عبدالسلام فرج‏.‏
أما الحادث الثاني الذي نشرته الصحف صباح ذلك اليوم فهو انفجار طردين في مطار القاهرة قبل دخولهما صالة المطاركان ذلك بعد تفريغ طائرة مالطية قادمة من طرابلس بليبيا وقد شاءت الاقدار ان تتأخر الطائرة عن موعدها حوالي ربع ساعة كما تأخرت الطائرة عن اقلاعها فترة من الوقت‏,‏ وفي الساعة الثانية وخمس دقائق بعد نزول الركاب وانصرافهم انفجر أحد الطردين مصحوبا بلهب من النار‏..‏ وبعد‏15‏ دقيقة حدث انفجار آخر في طرد مماثل‏.‏ ادي ذلك الي اصابة عامل وثلاثة جنود من الامن المركزي كانوا علي مقربة من الطائرة وقد كان التخطيط الذي وضعه مدبرو الحادث هو ان تنفجر هذه القنابل في صالة الوصول بالمطار حيث يجتمع حوالي الف شخص لتحدث اصابات جسيمة وليشاع ان هذا الانفجار قد وقع وقت الاستفتاء ومن عناصر داخلية وقد كان من المخطط ان تنفجر العبوه الاولي في صالة وصول الركاب محدثة أكبر قدر ممكن من الخسائر وان تنفجر الثانية بعد وصول المسئولين الي مكان الانفجار للقضاء علي كل من يصل منهم الي هناك‏.‏
بعد هذه الحوادث اصدر محمد نبوي اسماعيل نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية‏4‏ قرارات خاصة بأمن البلاد‏....‏ نص القرار الاول علي حظر إيواء او اخفاء الاشخاص الذين يمارسون نشاطا يخل بالأمن العام او يهدد الوحدة الوطنية او سلامة الوطن‏.‏ كذلك حظر ارتداء ملابس مماثلة لما ترتديه قوات الجيش أو الشرطة والتشديد علي عقوبة حيازة السلاح بدون ترخيص وينص القرار الرابع علي ضرورة قيام العمد والمشايخ بالاخطار عن الاشخاص الذين يمارسون نشاطا علي بالامن العام أو يهددالوحدة الوطنية‏,.‏ كما أعلن انه سيتصدي بنفسه لمحاربة الارهاب وانه سينزل الي الشارع امام رجاله للقضاء علي المخربين في كل مكان

مترو الأنفاق
وبينما خرج المتحدث الرسمي المصري ليؤكد رفض مصر لتدخل السوفيت أو أي قوي خارجية أخري في شئون مصر الدخلية‏,‏ لأن سياسة مصر تنبع من ارداتها وايمانها بسياسة عدم الانحياز‏,‏ كانت اللجنة المصرية الخاصة بدراسة كافة الموضوعات المتعلقة بتسليم الجزء المتبقي من سيناء تستعد لعقد اول اجمتاع لها تمهيدا لتسلم هذا الجزء في‏25‏ إبريل المقبل أي بعد ستة أشهر‏,‏ وكان الرئيس الامريكي رونالد ريجان يعلن زيادة المساعدات العسكرية لمصر والسودان‏,‏ وفي هذا اليوم تقرر بدء العمل في مشروع مترو الانفاق في المرحلة الاولي في اوائل نوفمبر‏81‏ بمنطقة ميدان التحرير وتمتد هذه المرحلة من السيدة زينب لكوبري الليمون بطول‏4.5‏ كيلو لتخدم‏5‏ محطات وتتكلف‏150‏ مليون جنيه كما قال اللواء عبد الرءوف عبد الرحمن مساعد محافظ القاهرة‏(‏ أصبح الآن هناك‏5‏ مراحل لمترو الانفاق‏).‏
وبالطبع يومها كانت التليفونات مثل معظم البنية الاساسية تعمل بصعوبة‏,‏ لدرجة ان عبد السلام داود عبر عن فخره الشديد في عموده اليومي بالاخبار علامة استفهام‏,‏ حيث نجحت مصر في أن تفتح‏70‏ دائرة تليفونية دولية تتيح للوفود التي إلي وصلت مصر للسفراء أن تتصل مباشرة‏,‏ كما تم افتتاح خطوط مماثلة لتسهيل اتصال المراسلين الاجانب بصحفيهم‏...‏ وذلك عندما كانت مصر تعاني من أزمة خانقة في الاتصالات المحلية والدولية معا يومها‏.‏

في هذه الايام كان سعر الجريدة اليومية‏30‏ قرشا‏,‏ واحتلت اعلانات التعازي للرئيس الراحل والتأييد للرئيس مبارك اكثر من نصف صفحات الجرائد اليومية الثلاث الاهرام والاخبار والجمهورية‏,‏ ومن اللافت للنظر أن مجلة المصور أصدرت اعدادا يومية لتغطي الاحداث الجسيمة‏.‏
يومها كان السخان الكهربائي‏7‏ للمياه بـ‏66‏ جنيها والمنضدة ستالستين واردة الخارج من‏3‏ قطع بـ‏27‏جنيها وجهاز التكييف شباك‏2‏ حصان بـ‏465‏جنيها‏,‏ وكانت اسعار معظم السلع بنحو ثلث الاسعار الأن‏,‏ وكانت يومها مصر تضع يدها علي قلبها‏,‏ بينما كان عقلها يخطو أو خطوة للنهضة الكبري مع مبارك‏!‏

يومها كان الحزن لايزال مخيما علي جميع الاندية والهيئات الرياضية لفقدان الرئيس الراحل محمد انور السادات لذلك تم الغاء بطولة افريقيا للجودو وتعديل موعد المسابقات في كل الاتحادات حيث اصدرت الاتحادات الرياضية قرارا بوقف انشطتها الرياضية ومسابقاتها المحلية والدولية حدادا علي وفاة الرئيس الراحل ـ هذا باستثناء فريق كرة القدم للناشئين الذي كان يلعب بالصيف ـ صدر هذا القرار مكافأة لهم لانه لولا الظروف لاستطاعوا الوصول الي الدور قبل النهائي‏.‏
وقد توجه اعضاء مجلس ادارة نادي الاهلي والزمالك الي منزل الرئيس الراحل بالجيزة لزيارة السيدة جيهان السادات لتقديم خالص العزاء وقد عبروا عن مدي حزنهم للحادث الفادح الذي اصاب الوطن‏.‏

كما اعلن نادي الجزيرة ايقاف جميع الانشطة واغلاق ابواب النادي لمدة اسبوع حدادا علي الزعيم الراحل وبعث برقية عزاء الي اسرته حاملة كل مشاعر الحزن التي انتابت ابناء النادي اثر الحادث الاليم‏.‏
كذلك وجه الدكتور عبد الحميد حسن رئيس المجلس الاعلي للشباب والرياضة الدعوة الي اجتماع موسع يشارك فيه جميع رؤساء الهيئات الرياضية والشبابية واجهزة الاعلام العاملة في هذا المجال لتأبين الرئيس الراحل‏.‏ يعقد هذا الاجتماع باستاد القاهرة في الساعة السابعة من مساء يوم السبت‏17‏ اكتوبر‏1981‏ وهو نفس الوقت الذي كان من المقرر ان يلتقي فيه الرئيس بشباب مصر في عيد الرياضة ضمن الاحتفال باعياد النصر والسلام بمناسبة الاحتفال الثامن لنصر اكتوبر‏.‏

وفي نفس اليوم قررت وزارة التأمينات صرف معاش وتعويضات استثنائية لاسر شهداء العرض العسكري‏.‏

رحيل ديان
ومن مفارقات القدر ان يسطع نجم بطل حرب اكتوبر صاحب الضربة الجوية الاولي في نفس الوقت الذي يخبو فيه صاحب اسطورة الجيش الذي لايقهر ـ موشي ديان ـ حيث رحل بعد ان قهر جيشه وشهد احتفال مصر الثامن لانتصار اكتوبر‏1973!‏
ومن مفارقات القدر أيضا أن يكون جورج بوش ـ الاب ـ في هذا الوقت نائبا للرئيس الامريكي رونالد ريجان لتمر السنين ويصبح الآن جورج بوش ـ الابن ـ هو رئيس الولايات المتحدة الامريكية‏!‏
وبعد اغتيال الزعيم السادات تغيرت وسائل الدفاع عن الرؤساء‏.‏

وفي أول تجربة لذلك كانت في جزيرة كنكون المكسيكية التي يلتقي فيها فقراء واثرياء العالم بحضور‏25‏ رئيسا في مقدمتهم الرئيس الامريكي ريجان فقد احبطت الجزيرة بالاسطول المكسيكي والمدمرات وكاسحات الالغام والغواصات‏,‏ ومن سلاح الطيران والمقاتلات وطائرات الهليكوبتر‏.‏
اما الرئيس ريجان فقد استيعدت من طعامه كل الشوك والسكاكين والملاعق المعدنية لاستبدالها بأخري خشبية واستبعدت وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية‏.‏

الغريب ان الرئيس الامريكي لم يستخدم المصاعد في فندق الشيراتون الذي كان ينزل فيه وكان يصعد السلالم‏,‏ واجراءات اخري غريبة لم يشأ الامريكان الافصاح عنها‏.‏ هذا ما‏,‏ ذكرته مجلة البوليس الدولة‏.‏
‏,‏كما وصفت الصحف هذا اليوم بانه يوم المسئولية ويوم تولي جيل اكتوبر القيادة جاءت هذه المسئولية الجسيمة في ظل ظروف محلية صعبة وعربية معقدة ودولية متغيرة‏.‏