المنطلق والطريق



 المنطلق والطريق
بقلم: محمد حسني مبارك عام 1976 
الجزء الرابع
__________________________________________

إذا كانت المصلحة العليا للوطن قد استدعت منا أن نقف وقفة مع الصديق, فإنها ليست وقفة تعني السكون بل هي وقفة من يريد أن يتخذ منطلقا جديدا علي طريق له معالم جديدة.
إنها وقفة وراءها نظرة ثاقبة املاها البحث عن: أين كنا؟ وكيف يمكن أن نكون, وإلي أي وجهة سنكون؟
إننا لن نخدع أنفسنا, فلم نكن في يوم من الايام نرجو أو نظن أن أحدا سيخوض عنا معركتنا, ولم يكن إيماننا إلا بقدرة الله التي تلهمنا النور إلي الطريق السليم لتحرير أرضنا, ولم يكن إعدادنا لقوتنا إلا تطبيقا لإيماننا بأن النصر لن يأتينا إلا بعد تغيير كل عناصر القصور فينا تمسكا منا بقول الله تبارك وتعالي: إن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم
ومازال إيماننا قويا بأن لدي الأمة العربية إمكانات تمكنها من كسب معركتها, وأن لديها ثروات تمكنها من حصار العدو وتهديد مصالح حماته, ومازال فكرنا صافيا ورائقا لنعرف أن تحديات العصر تستلزم منا مواكبة إنجازات العلم, وخوض صراع التكنولوجيا وإنجازات الصناعة وإلا فسيطوينا الزمن, ولم يفلح ضباب النكسة في حجب آفاق رؤية الحق أمام أعيننا بحيث ندرك موقعنا من العالم.
ولم يغب عن فكرنا أن الحياة صراع, وأن العلاقات بين الدول الكبري والصغري تتحول أحيانا إلي ما يماثل العلاقة بين السمكة الكبري والسمكة الصغري, ومن هذا المنطلق لم يغب عن بالنا أن التجمع قوة, والاتحاد قوة, والوحدة قوة, ولذلك فإن طريقنا علي سبيل الوحدة مع ليبيا وسوريا تآزرا أو اندماجا, هو سبيل الانتصار للأمة العربية ونواة استراتيجية لإنقاذ العالم العربي من أطماع الصهيونية وخططها التوسعية.
لقد تصدت مصر علي مر العصور لأطماع الغزاة ودحرتهم واحدا إثر الآخر, وستكون مصر نواة التجمع العربي لدحر الغزوة الصهيونية.
إن أمامنا المنطلق اعتمادا علي النفس, وأمامنا الطريق, طريق الوحدة العربية, وعلينا العمل.. وكل عمل لابد أن يكون معه الدأب والصبر لتحقيق الغايات. إننا مقبلون علي طريق جديد, سنثبت فيه للعالم كيف تكون إرادتنا, وأمامنا أعباء ستفرضها التزامات أمتنا أمام العالم العربي, وأمام العالم أجمع.
إن آمال الأمة العربية معلقة بمصر, وأمل مصر معلق بقواتها المسلحة التي أنتم غطاء حمايتها, فلنتصد لمسئولياتنا كاملة في رجولة وعزم وصبر.. والله معنا ولن يخذلنا.
___________________________