لابديل عن المعركة





 لابديل عن المعركة
بقلم: محمد حسني مبارك عام 1976
الجزء السادس
__________________________________________

_______________________________________
فشل مجلس الأمن الدولي في حمل إسرائيل علي تنفيذ قراره رقم242 الصادر في نوفمبر1967, والقاضي بانسحابها من الأراضي
التي احتلتها في عدوان الخامس من يونيو وفي العام نفسه, وبرغم قبول مصر مبادرة وليم روجرز وزير الخارجية الأمريكية عام1969, فإن هذه المبادرة لم يتم تنفيذها, وقدرفضت إسرائيل أيضا المبادرة المصرية للسلام التي طرحها الرئيس أنور السادات في الرابع من فبراير عام1972, وزاد علي تعقيد الأوضاع في الشرق الأوسط ماعرف بــ الوفاق الأمريكي السوفيتي عام1972 علي الاسترخاء العسكري في الشرق الأوسط الذي كان يعني استمرار حالة اللاسلم واللاحرب.
وقد تأكد للقيادة المصرية إزاء هذه الأجواء أنه لم يتبق أمامها لتحرير الأرض المحتلة سوي دخول المعركة وبوصفه قائد القوات الجوية حرص اللواء محمد حسني مبارك علي أن يضع ضباط القوات الجوية في صورة الوضع الدولي سواء علي صعيد الموقف الأمريكي أو الموقف الإسرائيل أو علي صعيد مجلس الأمن ليخلص الي أنه لابديل عن المعركة
القوة والحق وإرادة القتال هي ألزم العناصر لاستحواذ النصر وكسب المعركة, فبدون القوة لن تحترم إرادة أي أمة, ولن يكون لها وجود, فالضعيف ولو كانت حجته قوية, لايستمع لصوته أحد.
ولايعدم الحق انصارا في كل زمان ومكان..فمن حيث يعضل الأمر, فلابد من أن يظهر الله من يعين علي الحق ويجهر بالصدق أما إرادة القتال فهي التي ستحسم الصراع مع العدو الصهيوني وستسجل لنا أمجاد النصر.
وقد استطاعت مصر بعد عدوان1967 أن تكيف المعركة بأساليب جديدة.,.واستعادت القوات المسلحة عامة وقواتنا الجوية خاصة بنيانها علي أوثق الأسس وأوطد الدعائم, ورسمنا لأنفسنا طريق معركة المصير بوحي من العزة والكرامة والمسئولية, وبدلا من أن يفرض علينا السلام, قررنا أن نفرضه بقوتنا وليس بضعفنا, لأن السلام الحقيقي هو السلام القوي..ولن يكون سلام الضعيف إلا استسلاما.
ومما لاشك فيه أن وحدة القوة المقاتلة في الوطن العربي هي الطريق الوحيد لاسترداد الأرض السليبة ولتحقيق إرادة القتال للجماهير العربية فإنه يجب حشد الإمكانات الضخمة للعالم العربي..السياسية والاقتصادية والعسكرية والبشرية في إطار خطة موحدة متفق عليها, تربطها وتحبك خيوطها استراتيجية طويلة الأمد.
ولم تترك الحرب النفسية ـ التي تشنها العناصر المعادية علي النفس العربية وسيلة من الوسائل إلا واستعملتها من أجل إذلال صمودنا الذي لم ولن يقهر علي الرغم من كل شئ وقد تذرعنا بالصبر علي أمل أن ينصفنا المجتمع الدولي, أما وقد بلغ الصبر مداه, وتخلي مجلس الأمن عن دوره, فليس أمامنا إلا طريق المعركة الذي ضمنه الرئيس السادات في تعليقه الشهير بأن مصر لم تذهب الي مجلس الأمن سعيا الي حل سلمي, ليس هناك حل سلمي إطلاقا, وإنما ذهبنا الي مجلس الأمن لوضع العالم والكبار بالذات, أمام مسئولياتهم وبذلك تكون أزمة الشرق الأوسط قد وصلت الي طريق مسدود يزيد من مسئولياتنا, ويلقي علي عاتق كل منا أعباء جديدة يجب أن تكون محسوبة بدقة..فعلينا أن نصمد اليوم لننتصر غدا.
ولايسعني إلا أن أقول لضباط القوات الجوية: صونوا أسلحتكم ومعداتكم فهي وسيلة لتحقيق النصر, وارعوا جنودكم تكسبون محبتهم وثقتهم وطاعتهم, وكونوا أهلا لثقة قادتكم فيكم, والتزموا دوما بالانضباط فهو أساس النجاح في حياتنا العسكرية وكونوا أبرارا بوطنكم افدوه بأرواحكم وذودوا عنه بدمائكم.. ثم اذكروا الله دائما..اذكروه في عملكم..اذكروه في وطنكم..إنه نعم المولي ونعم النصير.